Saturday, November 1, 2008

مفيش فايدة

سيبوها تموت خلاص مفيش فايدة

هكذا قالها الطبيب المقيم بذلك المستشفي العام الكبير
هل هي قسوة قلب صنعتها أيام من العمل الشاق في هذا المجال . أم أن هذة القسوة هي جزء من شخصيته
هكذا قالت له خطيبتة السابقة عندما تشاجرا.. أنك قاسي قاسي جدا

لنعرف الحقيقة لنعود إلي الوراء بالزمن مدة ساعة واحدة فقط

سيارة الأجرة تتوقف أمام بوابة المستشفي بداخلها ذلك الطبيب الشاب و بجواره خطيبته والصمت يخيم عليهما
هي تخلع خاتم الخطبه من يدها وتخلع معها جزء من قلبها لتضعه في يدة

هي : مفيش فايدة يا حاتم بابا مصمم وأنت مخدتش أي خطوة إيجابية.. بابا مش عاجباه الشقة وأنا مقدرش أعارضه

حاتم : بالسهولة دي يبقي خلاص مفيش فايدة لو مش حتقفي جنبي يبقي مفيش فايدة

هي : أنا أسفه

حاتم : وأنا كمان

ينزل حاتم من سيارة الأجرة ويتجه للمستشفي قدماه لا تكاد تحملانه قلبه يدمي وروحه تتمزق خسارة لقد أحبها فعلا
يدخل الأستقبال ويتسلم العمل

صوت سيارة الأسعاف مسرعة تولول علي من ماتوا ومن سيموتوا بدا له صوتها اليوم كئيبا مقبضا لا يحتمل
المسعف يدفع بالسرير المتحرك وعلية أمرأة في الخمسين من عمرها فاقدة الوعي وفي حالة من نوبات الصرع العنيفة وخلفها زوجها يبكي كما الأطفال في حالة يرثي لها

الزوج مخاطبا حاتم في هلع :ألحقني يا دكتور مراتي أم بناتي دأنا مليش غيرها مين حيربي البنات من بعدها .ألحقني يا بيه أبوس أيديك

حاتم : أهدي يا بابا خلينا نشوف شغلنا حد يطلع الراجل ده بره

من نظره سريعه تبين له حقيقة الحالة ..الموقف لا يحتمل وكل دقيقة من التشنجات تحمل خطورة بالغة علي خلايا المخ

حاتم مناديا الممرضة :جهاز الضغط بسرعه

الممرضة تحضر جهاز الضغط بسرعة فقط ليكتشف حاتم أنه لا يعمل

حاتم ثائرا :أية ده عايز جهاز ضغط شغال حرام عليكم

الممرضة :ماأنت عارف يادكتور حاتم هو ده الجهاز الموجود عندنا أمكانيات المستشفي كدة

حاتم :أعوذ بالله قلنا ميت ألف مرة يصلحوه .. طيب أسحبوا عينة غازات بالدم بسرعة

الممرضة :مش شغال النهاردة يادكتور حاتم أصل الفني أجازة وقافل علي الجهاز في المعمل

حاتم :حرام عليكم طيب أنا أشتغل أزاي

وقام بتركيب خط وريدي حاول أولا بالدواء التقليدي اللذي لم يفلح أن يوقف التشنجات
طلب من الممرضة علاجا يعرف مسبقا أنه غير موجود

الممرضة :ما أنت عارف يادكتور مش موجود أحنا في أخر السنة المالية والطلبية الجديدة لسة موصلتش

هنا كان الضغط علي أعصابه لا يحتمل ..أنفجر بالصراخ في الجميع
حاتم : حرام عليكم يا بني أدمين.. والله ده كفر..أبعتوا الأهل يشتروا الدوا بسرعة

الممرضة: بس يادكتور أنت عارف ده غالي جدا وهم شكلهم ناس غلابه

حاتم صائحا في قمة الغضب :خلاص سيبوها تموت خلاص مفيش فايدة

يخلع القفازات الطبية ويترك المريضة وهي في حالة التشنجات ويتجه لغرفتة
يغلق الباب ويبكي ..يبكي بحرقه وحرارة.. من سنوات لم ليبكي هكذا ..من سنوات وهو يعمل ليل نهار ليوفر ثمن الشقة اللذي لايكتمل أبدا .. من سنوات وهو يتمني ويحلم فقط ليكتشف كم كان مغفلا..كم كان غرا ساذجا .. أنه لا يملك حتي في جيبه في الوقت الحالي ثمن الدواء اللذي تحتاجة هذة المريضة تعسة الحظ اللتي قررت أن تصاب بنوبة صرع في أخر السنة المالية

نظر إلا الدبله في يده وقال لنفسه :خلاص ياحاتم مفيش فايدة

هنا خطرت له فكرة جفف دموعه وخرج من الغرفة مسرعا
ذهب إلي زوج المريضة أعطاه الدبلة في يده وورقة بأسم الدواء في اليد الأخري

حاتم : أسمع اللي حقولك عليه ونفذه بسرعة لو عايز تنقذ حياة مراتك ..خد الدبلة دي وبعها ... حتلاقي جواهرجي قريب من البوابة قوله بس دكتور حاتم عايز يبيع دي.. تاخد تمنها وتجيب الدوا ده بسرعة من الصيدلية اللي جنبه
نظر الرجل له مندهشا وأنطلق عدوا ينفذ ما طلب منه

حاتم يبدأ في أعطاء الدواء للمريضة
دقائق وتتوقف التشنجات
زوج المريضة يحتضن حاتم ويقبله
إبتسامه خفيفة ترتسم علي شفتي حاتم..وسعادة خجوله تتحسس طريقها إلي قلبه
وهو يقول لنفسه بصوت مسموع

الحمد لله الظاهر كدة والله أعلم أن فيه فايدة


14 comments:

abdo said...

السلام عليكم
الأول دى قصة ولا حقيقة
ثانيا فى كلا الحالتين أكيد فى فايدة
ثالثا جميلة ومؤثرة جدا
رابعا إنا لله وإنا إليه راجعون
ولا حول ولا قوة إلا بالله على أحوال المستشفيات وإهمال الموظفين

عصفور المدينة said...

حمدا لله على سلامتك يادكتور
ودايما فيه فايدة

جمعاوى said...

لا قصدنى فى فايدة


بوركت يمناك

ma 3lina said...

يا بني ذاكر لك كلمتين ينفعوك

Gannah said...

أخى الكريم
لله فى كل شىء حكمة..دبلة تتخلى عنها امرأة لتصبح سببا فى شفاء امرأة اخرى

حال مستشفياتنا متدهور والمفروض ان الطوارىء بالذات لا يحكمها اول ولا اخر السنة المالية لان اللحظة فيها تساوى حياة انسان ولولا امثال هذا الطبيب الذى ما زال يعرف معنى الرحمة لكان بالفعل مافيش فايدة
اكتب يا دكتور
كلنا محتاجين نعرف معانى كتير قربنا ننساها وكفاية سنة اجازة
-------------------------------
نادرا ما اعلق على اسماء المدونات فقد اعتدت غرابتها كما انى انظر للامر على انه حرية شخصية ولكن دعنى اقول ان الصامتون عادة هم اكثر الناس حديثا لكن هذا الحديث يظل يدور فى عقولهم وقلما يطلعون الناس عليه
هم الاكثر تأملا وتفكيرا وان اختاروا الا يشاركوا الناس افكارهم
تحياتى

م/ الحسيني لزومي said...

من اجل مصر
شارك في الحملة الشعبية للقيد بالجداول الانتخابية وادعو غيرك
ضع بنر الحملة علي مدونتك
البنر موجود علي مدونتي
ارسل ميلك اذا كنت ترغب في وضع البنر نرسل لك كود البنر

ihapoof said...

أنا دمعت من القصه دى

حلو أوى و محبوكه جداَ لو كانت قصه

ربنا يكرمك ويقدرك على فعل الخير و يعوضك و يرحم الناس من سلبيات و غباء و جهل الروتين والأهمال الحكومى لو كانت حقيقه

maha said...

سلام عليكم
اولا انا مش عارفة ان كانت قصة حقيقة و لا لا
بس مهما كانت فهي رائعة ..مبدعة جدااا
ثانيا .. مش عارفة بس ممكن اقول ان بقالي كتير مقرتش قصة تشدني كده
جميلة اوي
سلام
مها

ابو صهيب ( الجمعاوي الاصيل)سابقاً said...

السلام عليكم ورحمة الله

اخي الفاضل

بوركت يداك التي كتبت هذه القصة الرائعة

فقد احسست بقشعريرة بالغة في جسدى وانا اقرأها

فهي قصة من الواقع الحزين الذي نعيشه

قصة تمر بثلاث مراحل

الاولى تحكي حال الشباب الذين لايجدون ما يبدأون به حياتهم ولا يجدون من يشجعهم على البساطة في بداية حياتهم ولكن الكل يبحث عن البذخ والتكلف

الثانية تجسد حال الشعب المصري وما آل اليه من ذل وقهر وحال المستشفيات المصرية والتي من المفروض ان تدخلها مريض تخرج منها معافى بأذن الله ولكن الحال لدينا معكوس انت تدخل المستشفيات المصرية معافى تخرج منها محمول الى القبر

الثالثة هي موقف الدكتور الذي لم يستسلم الى اليأس والبكاء ولكنه توكل على الله واصبح جزء من العلاج والحل ولم يكن هو المشكلة وادخل السرور على قلب الرجل الغلبان الذي لن ينساه ابداً

ان كانت القصة حقيقية فبارك الله في الدكتور وزقه من الطيبات

وان كانت من الخيال فبارك الله في خيالك ونفع بك

زى الهوا said...

فينك من التدوين؟؟

Unknown said...


thx

شركه تنظيف

Unknown said...


thx

شركه تنظيف

Unknown said...



thx

كشف تسربات المياة
غسيل خزانات
شركة نظافة عامة

Unknown said...


thank you

سعودي اوتو